"لامكان للإختباء" في عراق اليوم
تُتابع كاميرا المخرج العراقي الكردي أحمد زرادشت في فيلمه الموسوب ب"لا مكان للاختباء" الذي عُرض ضمن أفلام المسابقة الرسمية يوم أمس الممرض نوري شريف في المرحلة التي تلت انسحاب الجيش الأمريكي من العراق ابتداءا من سنة 2011 ولمدة أربع سنوات، حيث لا شيء تلا هذه المرحلة سوى الدمار والموت والفناء الذي يعيش الممرض وسطه متنقلا من مكان إلى مكان رفقة أسرته، عاجزا عن فهم أسباب هذه الحرب المدمرة الغامضة والتي تفتقد لأسباب منطقية وظاهرة للعيان وقابلة للتحليل.
لم يرافق المخرج الممرض نوري الشريف طيلة مدة التصوير بل كان في بعض الأحيان يتركه وحيدا مع الكاميرا بحيث يتكفل هو بتصوير نفسه وما يحيط به من مآسي، خصوصا حينما يتعلق الأمر بمناطق خطرة يصعب الدخول إليها.
التسامح في مواجة التطرف في "حينما يلتقي الرومي بفرنسيس"
في فيلم "حينما يلتقي الرومي بفرنسيس" يتناول المخرج محمد قناوي من خلال شخصية بيمان تادايون ما يتعرض له المواطنون المسلمون العاديون في الغرب، بسبب العمليات الإرهابية التي تُنفذ هناك، من سوء فهم كبير، بحيث تُلصق بهم تُهم هُم براء منها، ويضطرون نتيجة لهذا لإثبات حسن نواياهم باستمرار وكأنهم متهمون دائمون إلى أن يَثبُت العكس.
بيمان تادايون الموسيقي الإيراني المستقر في إيطاليا يعتبر نفسه واحدا من هؤلاء، ويعتقد اعتقادا قويا أن ما يجمع الناس أكثر أهمية بكثير مما يُفرقهم، لذلك جاء ردُّه على مايقع باستحضار شخصيتين مبدعتين من القرن الثالث عشر الميلادي هما الشاعر الصوفي الإسلامي جلال الدين الرومي والشاعر المسيحي القديس فرنسيس الأسيزي، مستلهما قصائدهما من أجل تأليف عمل موسيقى يجعلهما يلتقيان فيه.
"دماء على نهر السين": توثيق مُحكم لوحشية المستعمر الفرنسي
فيلم "دماء على نهر السين" للمخرج المغربي المهدي بكار الذي عرض ضمن الحصة الأخيرة لأفلام المسابقة الرسمية يوم أمس الجمعة، يتناول أحداث المجزرة التي قام بها النظام الفرنسي في حق الجزائريين يوم 17 أكتوبر من سنة 1961 ، أي قبل شهور معدودة من حصول الجزائر على استقلالها الذي دفع الشعب الجزائري من أجله دماء غالية وصلت لمليون شهيد.
وجاءت المظاهرة التي تعرضت للقمع والتنكيل والتي كانت الأكبر من نوعها آنذاك ، والتي شارك فيها الرجال والنساء والأطفال، ضد حضر التجول الليلي الذي كان مُطَبَّقا على الجزائريين والمغاربيين عموما وخرقا له.
وقد استعان المخرج بوثائق أغلبها صور حقيقية للحدث الرهيب تم تصويرها في حينها تُظهر مدى وحشية القمع والإرهاب والتعنيف الجسدي الذي تعرض له المتظاهرون الجزائريون السلميون.
نتابع في الفيلم شهادات مختلفة لمن عايشوا المجزرة من المُتظاهر العادي والمسؤول في الجهة المنظمة للتظاهرة، والمؤرخ المهتم بالشأن الجزائري – الفرنسي والمصور الصحافي الذي عايش اللحظة ووثقها في صور شاهِدة على هول ما وقع، والتي نشاهدها طيلة لحظات الفيلم موثقة للمجزرة التي ارتكبها النظام الفرنسي المستعمر بدم بارد.
إضافة للصور الفوتوغرافية والمتحركة المُوثِّقة لهذه اللحظة العصيبة من تاريخ الجزائر، استعان المخرج المهدي بكار أيضا بمشاهد تمثيلية لِمَا وقع والتي قام بإعادة إخراجها ليُقرِّب المشاهدين لتلك الأجواء الخانقة، إضافة لمشاهد من أفلام روائية تناولت المجزرة، ويظل مايحكيه الشهود العيان لتلك المرحلة العمود الفقري في الشريط الصوتي الذي يرافق ما نشاهده عبر الصورة.
وبذلك يكون المخرج المغربي قد احترم مُكوِّنات وشروط الفيلم الوثائقي كما اصطلح عليها نقديا وسينمائيا غير ساقط كما نرى مؤخرا عند البعض في الروبورطاج الذي أصبح يخلطه الكثيرون مع الوثائقي الذي يظل جنسا سينمائيا راقيا بامتياز.
تعليقات:
